الصحراء بلوس-عادل عنور
في عمق صحراء الجنوب، حيث يختلط السراب بالحقيقة، تحوم أسطورة غامضة حول وحدة عسكرية سرّية لا تُشاهد إلا نادرًا، ولا يعرف عنها سوى القليل.. إنها وحدة KL-7، الاسم الذي أصبح يهمس به الرعاة والمهربون والجنود القدامى على حد سواء، وكأنهم يتحدثون عن أشباحٍ تظهر حين يسدل الليل ستاره.
بين الحقيقة والأسطورة
بحسب مصادر متطابقة حصل عليها موقع الصحراء بلوس، فإن وحدة KL-7 ليست من الوحدات العادية، بل هي مجموعة مختارة من عناصر خاصة، مدربة على حرب الصحراء، والاستطلاع الخفي، والتدخل السريع في المناطق الرمادية حيث لا دولة، ولا قانون. ورغم السرية المطلقة التي تحيط بها، تؤكد معطيات ميدانية وجود تحركات غريبة في عمق الأقاليم الجنوبية خلال الأشهر الماضية.
المعلومات حول قيادة هذه الوحدة شحيحة. لا توجد صور، ولا أسماء، ولا تصريحات رسمية. لكن شهادات شهود عيان من مناطق كـ”المحبس” و”تويزكي” و”الزوك” تتحدث عن قوافل مجهزة بأحدث التقنيات تظهر فجأة، وتختفي بسرعة، تاركة خلفها آثارًا لا تُفسر.
ويرى محللون أن تأسيس أو إعادة تنشيط وحدة كهذه له علاقة مباشرة بالتحولات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة، خاصة بعد ارتفاع التوتر في محيط الجدار الأمني وامتداد النفوذ الأجنبي داخل دول الساحل والصحراء. كما أن التهديدات المتزايدة من شبكات التهريب والتنظيمات المسلحة العابرة للحدود فرضت على السلطات خلق “عقل أمني جديد” للتعامل مع تحديات غير تقليدية.
رغم الاهتمام المتزايد بوحدة KL-7، لم يصدر أي بيان رسمي بشأنها. وحتى الآن، تتعامل الدولة مع الموضوع بسياسة “الصمت الناطق”. لكن في المقابل، تتصاعد بعض المخاوف في أوساط المجتمعات المحلية القريبة من مناطق التحرك، والتي تعيش على إيقاع المجهول، بين الطمأنينة التي تجلبها القوة، والخوف من الانزلاق نحو العسكرة التامة للمجال.
المؤشرات كلها توحي أن ما يجري في الصحراء ليس مجرد “مراقبة حدود” أو “مناورات تقليدية”. إنها، حسب مراقبين، بداية عقيدة أمنية جديدة، تعتمد على وحدات مرنة، غير مرئية، قادرة على الردع السريع دون ترك أثر. ووحدة KL-7، بهذا المعنى، قد تكون مجرد أول قطعة في رقعة شطرنج أكبر تُعاد صياغتها بعيدًا عن الأضواء
بالنسبة للجزائر، فإن ظهور KL-7 يشكل تحديًا مزدوجًا: فهي من جهة وحدة مغربية مرنة لا يمكن تتبعها بسهولة، ومن جهة أخرى تُعد بمثابة رد مباشر على سياسات الجزائر التي تعمل، وفق مصادر أمنية، على إعادة هيكلة ما يُعرف بـ”وكلاء الحرب بالوكالة” قرب تندوف وعلى تخوم وادي الساورة. وبحسب مصادر عسكرية مطلعة، فإن KL-7 تمكنت من رصد تحركات لوجستية مشبوهة على الجانب الآخر من الحدود، وهو ما يفسر، حسب المصدر ذاته، تعزيز الجزائر لمواقعها في ولاية بشار ونشر طائرات استطلاع بدون طيار في سماء المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة.
أكثر من ذلك، يعتبر محللون أن KL-7 ليست مجرد رد تكتيكي، بل جزء من تحوّل استراتيجي شامل في العقيدة الأمنية المغربية، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء والتقارب الدفاعي مع قوى دولية كإسرائيل والولايات المتحدة. ووفق هؤلاء، فإن هذه الوحدة تنتمي إلى جيل جديد من التشكيلات العسكرية يتميز بخفة الحركة، والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، والعمل الاستخباراتي الميداني، ما يجعلها قادرة على العمل في بيئات معقدة وضد خصوم غير تقليديين، بما في ذلك المليشيات الممولة والمدعومة من دول الجوار.
اللافت في تحركات KL-7 أنها تتجنب أي احتكاك مباشر، وتعمل تحت غطاء مموه بدقة، مستخدمة مركبات غير موسومة، وأجهزة تشويش واتصال يصعب اعتراضها. وقد سجلت خلال الشهور الأخيرة عمليات اعتراض ليلية لقوافل تهريب قادمة من اتجاه الشرق، يرجح أنها كانت تنقل أسلحة ومؤن إلى جهات مشبوهة تنشط داخل الأراضي المغربية بتنسيق مع عناصر في مخيمات تندوف. كل هذه التحركات تؤشر إلى أن KL-7 قد أصبحت عنصرًا حاسمًا في اللعبة الاستخباراتية بين الرباط والجزائر، وإن كان في الظل.
في الرباط، يلتزم المسؤولون الصمت إزاء أي أسئلة تتعلق بهذه الوحدة، لكن التقديرات الاستخباراتية الإقليمية تؤكد أن الجزائر تعتبر KL-7 تهديدًا مباشرًا لتوازن الردع في الصحراء، بل هناك من يربط تصعيد الخطاب الإعلامي الرسمي الجزائري ضد المغرب، وعودة لغة العداء، بتنامي دور هذه الوحدة التي تعمل في الخفاء وتغيّر قواعد اللعبة. وبينما تستمر الصحراء في احتضان هذه الحرب الصامتة، تبقى KL-7 عنوانًا جديدًا لصراع قديم يتجدد بأساليب غير تقليدية، في زمن لم تعد فيه الحروب تُخاض على الجبهات، بل في العقول والظلال
مشاركة فيسبوك تويتر واتساب


تعليقات الزوار ( 0 )