من روح المسيرة إلى أفق القارة.. المغرب يجدد مسيرة الوحدة والطموح

18 أكتوبر 2025 - 9:47 ص

 

الصحراء بلوس : ليلى رحمو

 

 

بعد نصف قرن على المسيرة الخضراء المظفرة، التي بصمت تاريخ المغرب الحديث وأعادت رسم خريطته السياسية والوجدانية، تتجه الأنظار مجدداً نحو مدينة الداخلة، حيث ستحتضن من 13 إلى 16 نونبر 2025 فعاليات النسخة الخامسة من منتدى MD Sahara، المنظم من طرف مجلة Maroc Diplomatique، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تحت شعار:

 

«50 سنة على المسيرة الخضراء: الوحدة الوطنية والطموح القاري».

يأتي هذا المنتدى في لحظة رمزية بليغة، تجمع بين استحضار التاريخ واستشراف المستقبل، بين الوفاء لروح المسيرة وتجديد العهد على مواصلة البناء، في سياق وطني وإقليمي يتسم بتصاعد رهانات التنمية، وتزايد الحاجة إلى تكامل إفريقي حقيقي يقوم على الشراكة والتضامن.

المسيرة الخضراء.. من ملحمة التحرير إلى رؤية استراتيجية

لم تكن المسيرة الخضراء مجرد حدث سياسي لتحرير الأرض، بل مشروعاً مجتمعياً متجدداً في جوهره.
فمنذ انطلاقها سنة 1975، شكلت المسيرة تجسيداً لعبقرية القيادة المغربية في تعبئة الأمة حول قضية وجودية، وجعلت من الوحدة الوطنية مبدأً مؤسساً لكل السياسات العمومية والدبلوماسية.

وفي الذكرى الخمسين لهذه الملحمة، يأتي منتدى MD Sahara ليعيد قراءة هذا الحدث التاريخي في ضوء التحولات الراهنة، حيث تحوّل الرمز التاريخي إلى مشروع حضاري متكامل، يربط بين السيادة والتنمية، وبين الانتماء الوطني والانفتاح القاري.

 

 

 

الداخلة.. بوابة الجنوب ومختبر الدبلوماسية الاقتصادية

اختيار مدينة الداخلة لاحتضان هذا المنتدى ليس مجرد صدفة جغرافية، بل هو اختيار استراتيجي يعكس دينامية المغرب في تحويل أقاليمه الجنوبية إلى فضاءات للتنمية والريادة.
فالمدينة، التي تحولت خلال العقدين الأخيرين إلى قطب إقليمي للنمو والابتكار، أصبحت عنواناً لتحول المغرب من نموذج للاستقرار السياسي إلى فاعل مؤثر في الدبلوماسية الاقتصادية الإفريقية.

الداخلة اليوم ليست فقط وجهة سياحية أو مركزاً استثمارياً صاعداً، بل منصة دبلوماسية جديدة تجسد رؤية المغرب في جعل التنمية وسيلة للسلام، والانفتاح الاقتصادي جسراً للتقارب القاري.
ومن هنا، يأتي منتدى MD Sahara ليمنح للمدينة بُعداً إضافياً، كفضاء للنقاش الفكري والسياسي حول مستقبل المغرب في إفريقيا.

 

 

 

منتدى MD Sahara.. منبر للدبلوماسية الفكرية والحوار الاستراتيجي

منذ إطلاقه، رسخ منتدى MD Sahara مكانته كمنصة تجمع بين صناع القرار والباحثين والدبلوماسيين لمناقشة قضايا المغرب الإفريقية في أبعادها المتعددة.
وفي نسخته الخامسة، يسعى المنتدى إلى إعادة طرح الأسئلة الجوهرية حول:
• كيف ساهمت المسيرة الخضراء في بناء الدبلوماسية المغربية الحديثة؟
• وما موقع المغرب اليوم في خريطة النفوذ الإفريقي المتجدد؟
• وكيف يمكن تحويل “الوحدة الوطنية” إلى رافعة لـ“الطموح القاري”؟

 

 

 

النقاش المنتظر لن يقتصر على البعد التاريخي للمسيرة، بل سيتناول أيضاً أدوار المغرب الراهنة في دعم التكامل الإفريقي، ومبادراته في مجالات الأمن الغذائي، الطاقات المتجددة، والابتكار الرقمي، بما يجعل منه قاطرة تنموية ونموذجاً للتعاون جنوب–جنوب.

من الذاكرة إلى المستقبل.. المغرب كقوة هادئة في إفريقيا

المغرب، الذي رسّخ حضوره في المنظمات الإفريقية وعزز شراكاته مع دول القارة، يتحرك اليوم وفق رؤية ملكية واضحة المعالم، تجعل من إفريقيا أولوية استراتيجية في سياساته الخارجية.
وهذه الرؤية لا تقتصر على الخطاب، بل تُترجم إلى مبادرات عملية في ميادين التنمية، والتعليم، والطاقات النظيفة، والاستثمار المشترك.

 

 

 

وفي هذا الإطار، يشكل منتدى MD Sahara فرصة لتقييم حصيلة خمسين سنة من العمل الوطني والدبلوماسي، وفضاءً للتفكير في مستقبل العلاقة بين الوحدة الترابية والسيادة الاقتصادية، وبين الهوية الوطنية والعمق الإفريقي.

 

 

 

Maroc Diplomatique.. التزام إعلامي نحو فكر استراتيجي جديد

من خلال تنظيم هذا المنتدى، تؤكد Maroc Diplomatique، مجدداً، التزامها بأداء دورها كمنصة للحوار والفكر الاستراتيجي، تربط بين الإعلام والتحليل، وتساهم في بلورة خطاب مغربي جديد يجمع بين المهنية والرؤية الدبلوماسية المتبصّرة.

ففي زمن التحولات الكبرى، تصبح المعرفة قوة دبلوماسية، والحوار رافعة للتقارب، والمنتديات الفكرية مثل MD Sahara مختبراً حقيقياً لتشكيل وعي جماعي بمستقبل المغرب وإفريقيا معاً.

 

 

 

خاتمة: المغرب في مسيرة جديدة نحو القارة

بعد خمسين سنة من المسيرة الخضراء، يعود المغرب إلى ذاته بثقة، وإلى قارته برؤية.
ومنتدى MD Sahara في نسخته الخامسة ليس مجرد لقاء فكري، بل إعلان رمزي عن استمرار المسيرة — مسيرة من أجل الوحدة، والتنمية، والطموح القاري.
فكما كانت المسيرة الأولى لاسترجاع الأرض، فإن المسيرة اليوم هي من أجل بناء المستقبل، وتثبيت موقع المغرب كفاعل قارّي يقود من موقع المبادرة، لا من موقع التبعية.

مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .