الصحراء بلوس/امباركة خيار
وجه زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعلن فيها عن تقديم الجبهة لما وصفته بـ”مقترح موسع” لحل النزاع، زاعمةً أنه يعكس “مبادرة حسن نية” تتماشى مع دعوات الأمم المتحدة للحوار. غير أن مضمون الرسالة، كما ورد في نصها، يكشف عن استمرار الجبهة في التمسك بخيار “الاستفتاء” الذي تجاوزه السياق الدولي منذ أكثر من عقد ونصف، ما يجعل مقترحها الجديد في جوهره إعادة تدوير لخطاب قديم بعبارات جديدة.
وقالت الجبهة في رسالتها إنها قدمت للأمين العام مقترحًا يرمي إلى التوصل إلى “حل سياسي مقبول من الطرفين يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ويستعيد السلم والاستقرار الإقليميين”، مضيفة أنها “مستعدة لتقاسم فاتورة السلام مع الطرف الآخر”، في إشارة إلى المغرب، شرط “توفر الإرادة السياسية للابتعاد عن الحلول المفروضة من جانب واحد”، على حد تعبيرها.
ويُشار إلى أن هذا الخطاب يتناقض بوضوح مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2756 الصادر في أكتوبر 2024، والذي دعا جميع الأطراف إلى استئناف المفاوضات “دون شروط مسبقة” وعلى أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي لعام 2007، الذي اعتبره القرار “الأكثر جدية وموثوقية وواقعية” للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم للنزاع.
ويُذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة كان قد شدد في تقاريره السابقة على أن حسن النية يقتضي التخلي عن الشروط المسبقة وعن الأطروحات غير الواقعية التي تعرقل مسار الحل السياسي.
وأكد زعيم الجبهة في رسالته أن البوليساريو “مؤمنة بإمكانية تحقيق سلام شامل ومستدام”، داعيًا إلى “الشجاعة السياسية والابتعاد عن الوضع الراهن”، إلا أن مضمون البيان نفسه يُعيد التذكير بمقترح الجبهة المقدم سنة 2007، الذي يربط أي تسوية بإجراء استفتاء لتقرير المصير، في تجاهل تام للتحولات السياسية والميدانية التي جعلت من مبادرة الحكم الذاتي الإطار الوحيد القابل للتطبيق.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة الجديدة تأتي في سياق محاولة الجبهة كسر العزلة الدبلوماسية التي تواجهها نتيجة تراجع دعم عدد من القوى الإقليمية، في مقابل تصاعد الدعم الدولي للموقف المغربي. فبينما تراهن البوليساريو على لغة المناورة لإحياء أطروحاتها المتجاوزة، يواصل المغرب ترسيخ حضوره الميداني والدبلوماسي من خلال دينامية تنموية غير مسبوقة في الأقاليم الجنوبية، ورؤية ملكية واضحة تؤكد أن “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه وأذكى ما يمكن للعالم أن يدعمه”.
وتعد الرسالة الأخيرة بمثابة محاولة متأخرة لإعادة تموضع خطاب الجبهة، لكنّها تظل بعيدة عن منطق الواقعية السياسية الذي بات يحكم مداولات الأمم المتحدة ومواقف القوى الكبرى. فبينما تتحدث البوليساريو عن “تقاسم فاتورة السلام”، يواصل المغرب بناء سلامٍ فعلي على الأرض: سلام التنمية، وسلام الاستقرار، وسلام الوحدة الترابية.
وتبقى الحقيقة راسخة، أن الحل في الصحراء لا يمكن أن يقوم على أوهام الانفصال، بل على إرادة سياسية واقعية تجسدت في المشروع المغربي للحكم الذاتي، الذي حظي بدعم دولي واسع، وجعل من المغرب نموذجًا للاستقرار في منطقة تعصف بها الأزمات. وبينما تُكرر الجبهة شعارات الماضي، يمضي المغرب بخطى واثقة نحو المستقبل، مُكرسًا وحدة التراب الوطني من طنجة إلى الكو
مشاركة فيسبوك تويتر واتساب


تعليقات الزوار ( 0 )