حين غابت الهيبة مع الغزواني وتجلت القوة مع ولد عبد العزيز

12 يوليو 2025 - 11:03 ص

الصحراء بلوس-احمد حبيب الله

في المشهد السياسي الموريتاني، يبرز اسمان شكلا مسار الدولة خلال العقدين الأخيرين: الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني. ورغم علاقة الصداقة والعمل المشترك التي جمعت بين الرجلين، فإن الفرق في أسلوب القيادة بينهما بات واضحًا وجليًا للشارع الموريتاني، بل أصبح مادة للنقاش بين الساسة والمحللين والمواطنين على حد سواء. وبينما يرى كثيرون أن ولد عبد العزيز قاد البلاد بيد من حديد وهيبة، يتهم الغزواني بالضعف والتردد وغياب الحزم في اتخاذ القرارات.

أولا: شخصية محمد ولد عبد العزيز.. “الرجل القوي”

محمد ولد عبد العزيز، العسكري القادم من رحم المؤسسة العسكرية، وصل إلى الحكم عبر انقلاب عام 2008، ثم أعيد انتخابه رئيسًا عبر صناديق الاقتراع. ما ميزه في نظر كثير من الموريتانيين هو قوته الشخصية، حضوره السياسي الطاغي، وجرأته في اتخاذ القرارات.

ما قدمه ولد عبد العزيز:

  • فرض الأمن والاستقرار في بلد كان مهددًا بالتطرف والإرهاب.
  • شيد بنية تحتية ضخمة شملت الطرق والموانئ والمرافق العمومية.
  • واجه شبكات الفساد بقوة، حتى وإن اُتهم لاحقًا باستغلال السلطة.
  • أعاد هيبة الدولة وضبط الإدارة، وجعل من موقع الرئاسة محورًا أساسياً لكل القرارات.

ما يؤخذ عليه:

  • استخدام القوة في قمع المعارضة.
  • تضييق على الحريات ووسائل الإعلام.
  • تضخم نفوذ العائلة والمقربين في تسيير الشأن العام.

ثانيًا: شخصية محمد ولد الشيخ الغزواني.. “الرجل الصامت”

عند تسلم محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الحكم سنة 2019، كانت التوقعات عالية، خاصة وأنه عُرف سابقًا كرفيق درب لعبد العزيز، وقائد للأركان ثم وزير للدفاع. لكن الغزواني، ومنذ اللحظة الأولى، بدا أنه يسير على خطى مختلفة تمامًا، أقرب إلى التهدئة منها إلى الحزم.

مواقف وشهادات:

  • يرى سياسيون ومحللون أن الغزواني يفتقر إلى الحزم اللازم في لحظات القرار، ويعتمد على الدائرة الضيقة من مستشاريه، دون أن يظهر بوضوح في المشهد العام.
  • تقول أطراف من المعارضة إن عهد الغزواني اتسم بـ”الانتظارية”، وعدم القدرة على حسم الملفات الكبرى، كالإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد.
  • مؤيدوه يرون فيه رجل دولة هادئًا يعمل بصمت على إرساء أسس جديدة للعدالة الاجتماعية والانفتاح السياسي.

ما يُحسب له:

  • تهدئة الجو السياسي وفتح قنوات الحوار مع المعارضة.
  • منح الإعلام والمجتمع المدني مساحة من الحرية لم تكن متاحة سابقًا.
  • إطلاق بعض المبادرات الاجتماعية لدعم الفئات الهشة.

ما يُؤخذ عليه:

  • ضعف الأداء الحكومي وغياب الرؤية الواضحة للإصلاح.
  • تفكك التحالفات السياسية التي دعمته في البداية.
  • صمت طويل في ملفات كان ينتظر منه الشعب مواقف واضحة فيها، أبرزها ملف محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.

ثالثًا: الفرق في عيون الشعب والسياسيين

الشعب الموريتاني، الذي عايش فترتي حكم الرجلين، يعبر اليوم عن شعور متباين بين الحنين إلى “الهيبة” التي ميزت عهد ولد عبد العزيز، والاستياء من “الركود والجمود” في عهد الغزواني. سياسيون كثر أكدوا أن الغزواني “يعد ولا ينجز”، بينما عبد العزيز “قرر وفرض وواجه”، حتى وإن أثار قراراته جدلًا واسعًا.

وتابع مراقبون أن الفارق الأساسي يكمن في القدرة على الفعل، فالغزواني يطلق وعودًا متكررة دون نتائج ملموسة، بينما عبد العزيز، برغم كل الانتقادات، كان يترجم أقواله إلى أفعال، وإن بأسلوب شعبوي:

وبين رجل يقود بصمت، وآخر حكم بقبضة من حديد، يبقى السؤال الأهم: ماذا تحتاج موريتانيا اليوم؟ هل هي في حاجة إلى زعيم حازم كعبد العزيز يعيد الهيبة والقرار السياسي القوي؟ أم إلى رئيس هادئ مثل الغزواني يعطي فرصة للتهدئة والبناء التدريجي؟

ما هو مؤكد أن المواطن الموريتاني بات يحنّ إلى زمن الإنجاز، لا إلى زمن الوعود… ويريد رئيسًا يُرى ويُحَسّ، لا رئيسًا يُنتظر

مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .