الصحراء بلوس/امباركة خيار
رغم التحديات الإقليمية والدولية التي هزّت اقتصادات كبرى، يواصل الاقتصاد المغربي تقديم أداء مثير للإعجاب، مسجّلًا أرقامًا إيجابية تعكس صلابته وقدرته على امتصاص الصدمات ومواصلة مسار النمو. فقد كشفت آخر المؤشرات الاقتصادية عن تحسن في معدلات النمو، وتزايد حجم الاستثمارات الأجنبية، وتراجع في معدلات التضخم مقارنة بالسنة الماضية.
ففي تقرير حديث صادر عن بنك المغرب، ارتفع الناتج الداخلي الخام بنسبة 3.4% خلال الربع الأول من سنة 2025، مدفوعًا بنمو قطاعات حيوية كالصناعة والتكنولوجيا والفلاحة. كما أكدت وزارة الاقتصاد والمالية أن الاحتياطي من العملة الصعبة بلغ 370 مليار درهم، ما يغطي أكثر من 6 أشهر من الواردات، وهو رقم يُصنف في خانة “الآمن جدًا” حسب المعايير الدولية.
أما على مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فقد شهد المغرب خلال الشهور الأربعة الأولى من هذه السنة تدفقًا قدره 14.2 مليار درهم، بزيادة تفوق 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويُعزى هذا الارتفاع إلى ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال والإصلاحات التي أطلقتها الحكومة، خصوصًا في مجالات الرقمنة وتبسيط المساطر وتحفيز المقاولات الصغرى والمتوسطة.
وفي السياق ذاته، احتل المغرب مراتب متقدمة على مستوى شمال إفريقيا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، كما سجل تقدمًا ملحوظًا في مؤشر الابتكار العالمي، ما يعكس تحول المملكة إلى منصة تنافسية تجمع بين الاستقرار السياسي والإمكانيات الاقتصادية الواعدة.
الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الحق بنعلوش أكد في تصريح لـ”الصحراء بلوس” أن “المرونة التي أظهرها الاقتصاد المغربي أمام الأزمات العالمية، وخاصة أزمة أوكرانيا وتذبذب الأسواق الطاقية، تعود إلى تنويع الشركاء التجاريين، وتوسيع قاعدة الإنتاج الوطني، والاستثمار الذكي في الطاقات المتجددة”.
وفي الأقاليم الصحراوية، بدأت مشاريع ضخمة ترى النور، أبرزها المنطقة الصناعية بالداخلة وميناء الداخلة الأطلسي، مما يفتح الباب أمام فرص غير مسبوقة لجذب رؤوس الأموال وتحويل الجنوب إلى بوابة إفريقية حقيقية للتجارة والاستثمار
وجدير بالذكر أن هذا الزخم الاقتصادي لا يأتي من فراغ، بل هو ثمرة رؤية ملكية استشرافية تراهن على تنمية الإنسان والمجال، وتعزيز تموقع المغرب كفاعل اقتصادي قارّي ووجهة آمنة للمستثمرين في زمن التقلبات. ففي الوقت الذي تعاني فيه اقتصادات مجاورة من الركود أو التراجع، يختار المغرب أن يسير بثقة نحو المستقبل، مستندًا إلى رصيد من الاستقرار السياسي، والإصلاحات الهيكلية، والعزيمة الوطنية.
ويُشار أيضا إلى أن المواطن المغربي هو الرأسمال الحقيقي في هذه المعادلة التنموية، حيث يشكل العنصر البشري ركيزة كل تحول اقتصادي واعد، ما يجعل الاستثمار في التعليم والتكوين والتشغيل جزءًا لا يتجزأ من دينامية النمو.
هكذا، يبقى المغرب بلد الإمكانيات المفتوحة، وأرض الفرص الواعدة، حيث تُكتب قصص النجاح بإرادة لا تعرف الانكسار، وبتخطيط لا يعترف بالعشوائية، في زمن باتت فيه الثقة عملة نادرة.
مشاركة فيسبوك تويتر واتساب


تعليقات الزوار ( 0 )