الصحراء بلوس /كلميم
من جديد، يعود ملف التنمية المتعثّرة بجهة كلميم–واد نون إلى الواجهة، وهذه المرة بصوت المستشار الجهوي إبراهيم حنانة، الذي فتح نقاشاً جريئاً حول واحدة من أضخم الميزانيات المرصودة للجنوب: 555 مليار سنتيم انتهت–حسب تعبيره–بلا أثر واضح على حياة المواطنين، ولا على مؤشرات الاقتصاد الجهوي.
حنانة، من موقعه في صفوف المعارضة، تساءل بصراحة لافتة: كيف يمكن لجهة صغيرة المساحة، كبيرة الإمكانيات، أن تستفيد من ميزانيات ضخمة ووعود تنموية متتالية، ثم تظل في المكان ذاته تقريباً؟
الأصل أن يكون الاستثمار رافعة للتحول، لا رقماً يُكتب ثم يُنسى. لكن الواقع–كما يقول–يكشف عن مفارقة مؤلمة: جهات أقل دعماً حققت نتائج أكبر، بينما بقيت كلميم–واد نون “الاستثناء السلبي” الذي لم يستطع تحويل اعتمادات غير مسبوقة إلى مشاريع ملموسة.
وتفتح أرقام البطالة، التي وصلت إلى 31.5% كأعلى نسبة بالمملكة، باباً واسعاً للقلق حول جدوى البرامج الجهوية في توفير فرص الشغل، ومواجهة الفوارق المجالية، وإطلاق دينامية اقتصادية قادرة على استيعاب طاقات الشباب.
فالأمر لم يعد يتعلق بتعثّر مشاريع فقط، بل بخلل بنيوي في الحكامة الترابية ومسار تدبير المال العام.
وتتجه الأنظار هنا إلى وزارة الداخلية باعتبارها الجهة الوصية على تتبع تنفيذ البرامج الجهوية وضمان حسن توجيه التمويلات. ويطالب متابعون بإيفاد فرق تقييم مركزية، لإجراء افتحاص شامل لمآل اعتمادات ثقيلة رُصدت لبرامج عديدة:
- التنمية الاقتصادية والاجتماعية،
- دعم المقاولات،
- محاربة الفقر والهشاشة،
- تنمية القرى والمناطق النائية،
- تقليص الفوارق المجالية،
- الحماية الاجتماعية،
- وبرنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب.
فرغم ضخامة هذه المشاريع، إلا أن الأثر لا يرقى لحجم المجهود المالي والانتظارات الشعبية، وهو ما يجعل مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” أكثر من ضرورة سياسية… بل ضمانة لحماية ثقة المواطنين في مؤسسات الجهوية المتقدمة.
إن كلميم–واد نون ليست معادلة حسابية، بل مجالاً ترابياً يعيش فيه آلاف المواطنين الذين ينتظرون طرقاً، خدمات، فرص شغل، ومستقبل أفضل.
وحين تعلو الأسئلة حول 555 مليار سنتيم بلا تحويل حقيقي في الواقع، يصبح فتح تحقيق معمّق خطوة طبيعية لإعادة ترتيب الأولويات ووضع النقاط على الحروف.
فالجهة اليوم لا تحتاج إلى خطابات ولا وعود إضافية، بل إلى منعطف جديد:
تقييم شفاف، مساءلة واضحة، رؤية دقيقة، وإرادة سياسية تُعيد بوصلة التنمية إلى مسارها الصحيح.
فالتنمية ليست رقماً يمرّ في التقارير… بل أثر يجب أن يعيشه المواطن في يومه قبل أن يراه مكتوباً على الورق.
مشاركة فيسبوك تويتر واتساب


تعليقات الزوار ( 0 )