ملف الصحراء أمام لحظة الحسم.. المغرب يدخل مجلس الأمن بثقة المنتصر ودعم دولي غير مسبوق

27 أكتوبر 2025 - 11:36 ص

الصحراء بلوس-ليلى رحمو

مع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن المقررة في 30 أكتوبر 2025، تتجه الأنظار مجددًا إلى قضية الصحراء المغربية، التي باتت على أعتاب مرحلة حاسمة في مسارها الطويل. فالمعطيات الدبلوماسية الراهنة تؤكد أن المغرب يدخل هذه الجولة من موقع قوة وثقة متزايدة، مدعومًا بتأييد واسع لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها الرباط سنة 2007 كحل عملي وواقعي لإنهاء النزاع.

في المقابل، تجد الجزائر وجبهة البوليساريو نفسيهما في عزلة غير مسبوقة، بعدما فشلت محاولاتهما المتكررة في إقناع المجتمع الدولي بخيار الاستفتاء، الذي بات الجميع يعتبره طرحًا متجاوزًا وغير قابل للتطبيق.

تسريبات من كواليس الأمم المتحدة تشير إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا وعددًا من الأعضاء الدائمين يتجهون نحو دعم قرار أممي جديد يكرّس الحل السياسي الواقعي ويؤكد الدور المركزي للمغرب في العملية السياسية. هذا التحول أحدث ارتباكًا في المعسكر المعادي، إذ وصفت الجزائر الموقف الأمريكي بأنه “ضغط سياسي لصالح الرباط”، لكنها تدرك أن التحولات الدولية لم تعد تعير اهتمامًا للشعارات القديمة، بل تركّز على الاستقرار والتنمية المشتركة.

التحولات الأوروبية تعزز هذا الاتجاه؛ فدول كـ إسبانيا وألمانيا وهولندا، إلى جانب عدد من الدول الإفريقية والآسيوية، أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي المرجعية الوحيدة الجدية والمصداقية. كما أن الاتحاد الأوروبي واصل توقيع اتفاقيات الصيد والزراعة والتبادل التجاري التي تشمل الأقاليم الجنوبية، في اعتراف عملي بالسيادة المغربية على الصحراء. هذه الخطوات شكّلت صفعة قوية للدعاية الجزائرية التي تروّج منذ عقود لخطاب “الأراضي المتنازع عليها”.

في الوقت نفسه، يواصل النظام الجزائري استنزاف موارده في دعم جبهة البوليساريو سياسيًا وإعلاميًا، رغم أزماته الداخلية المتفاقمة. فقد تحول ملف الصحراء إلى أداة لتصدير أزماته الداخلية، لكن هذا الخيار أصبح اليوم عبئًا ثقيلاً بعدما فقدت الجزائر نفوذها في القارة الإفريقية، حيث فتحت أكثر من 30 دولة قنصليات في العيون والداخلة، معلنة دعمها الصريح للوحدة الترابية للمملكة.

أما جبهة البوليساريو، فقد تراجع حضورها الميداني والسياسي بشكل واضح، إذ لم تعد قادرة على الحفاظ على أي تعاطف دولي، في ظل اقتناع المجتمع الدولي بأن استمرار النزاع يعطل تنمية منطقة استراتيجية تربط إفريقيا بأوروبا. حتى محاولاتها الأخيرة للتصعيد قرب الجدار الأمني واجهت إدانات أممية ودولية واسعة، لما تمثله من تهديد مباشر للسلم الإقليمي.

ويتوقع أن تشكل جلسة مجلس الأمن المقبلة منعطفًا تاريخيًا، إذ يُنتظر أن يجدد المجلس دعمه لمسار الحل السياسي تحت إشراف المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، في إطار رؤية واقعية تستبعد خيار الانفصال نهائيًا. فالعالم اليوم يدرك أن المغرب شريك استراتيجي لا غنى عنه في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وضمان الاستقرار في شمال إفريقيا.

في المقابل، تقف الجزائر أمام عزلة دبلوماسية خانقة، بعدما انكشفت سياساتها أمام المجتمع الدولي كعامل توتر إقليمي لا كفاعل سلام. بينما يواصل المغرب تعزيز موقعه بثبات عبر دبلوماسية رزينة وفعالة، تجمع بين الوضوح والمرونة، وتستند إلى تحالفات متينة مع القوى الكبرى وشراكات اقتصادية صاعدة مع إفريقيا وأوروبا وأمريكا.

ومهما كانت صيغة القرار الأممي المرتقب، فإن المؤكد أن المغرب يدخل لحظة الحسم من موقع قوة، لا دفاع، وأن قضية الصحراء التي حاولت الجزائر استغلالها لأكثر من خمسة عقود تحولت اليوم إلى عنوان إخفاقها الإقليمي، فيما تمضي الرباط بخطى ثابتة نحو تكريس سيادتها الكاملة على أقاليمها الجنوبية، بدعم دولي متصاعد ورؤية استراتيجية تجعل من الحكم الذاتي نهاية منصفة وواقعية لنزاع طال أكثر مما ينبغي.

مشاركة فيسبوك تويتر واتساب
تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .